اخبار الرياضة

غوارديولا وأنشيلوتي.. المتناقضان اللذان يتشابهان أحيانًا!

لن تكون مواجهتا ريال مدريد ومانشستر سيتي بقيادة كارلو أنشيلوتي وبيب غوارديولا سهلتين أبدًا، فتقارب المستوى قد يبدو شديدًا مقارنة ما كان عليه الحال العام الماضي، لكن ريال مدريد أصبح افضل حالًا مـن المواجهة التى لُعبت قبل 11 شهرًا بينما تبدو نسخة مانشستر سيتي الحالية أقل قوة مـن تلك التى كانـت عليها قبل نفس المدة.

المواجهتان تقامان ضوء مجموعه طويلة مـن المواجهات بين المدربين اللذين يجمعان معًا 7 بطولات لدوري أبطال أوروبا حققاها مع فريقين مختلفين لكلٍ منهما مع أفضلية أنشيلوتي بالتتويج فى 4 مرات سابقة.

غوارديولا وأنشيلوتي.. تناقض صارخ

حسنًا، على الأرجح ستتفق مع هذا القسم مـن المقال، فبيب غوارديولا وأنشيلوتي هما مثالان صارخان على تناقض أسلوبي التدريب.

يحرص المدرب الإسباني على السيطرة على أدق تفاصيل اللعبة والاهتمام بأصغر الصغائر الي الدرجة التى اتهمه البعض بالمبالغة التى أدت لنتائج عكسية فى بعض المباريات الهامة فى مسيرته كَمَا كان الحال مثلًا مع نهائى 2021 امام تشيلسي عندما قرر استبعاد رودريغو مـن التشكيلة الأساسية للقاء بشكل مفاجئ.

مدير فني برشلونه وبايرن السابق يريد دائمًا مـن لاعبيه الالتزام بما يقول وتنفيذه بحذافيره. يقول النجـم الفرنسي السابق تييري هنري قصة شهيرة عَنْ إحدى المباريات التى طلب فيها غوارديولا منه ان يلتزم الطرف الأيسر بما يشبه الالتصاق بالخط، فما كان مـن مهاجـم أرسنال السابق إلا ان أصابه الملل مـن فرط التمريرات التى يمررها ثلاثي وسـط برشلونه بوسكيتس وتشافي وإنيستا بينما بينهم مع مشاركة ميسي فى مجموعه التمريرات المتواصلة.

الخوف يحاصر 4 لاعبين مـن ريال مدريد فى مواجهه مانشستر سيتي

ونظرًا لطبيعته كمهاجم وكونه ليس جناحًا أيسر فى الأصل كَمَا لعب طوال فترته مع برشلونه، قرر تييري هنري ان يخالف تعليمات بيب ويدخل لعمق الْمَلْعَبُ لينجح فى إحدى الكرات فى تَسْجِيلٌ هـدف قبل نهاية الشوط الاول.

يروي بطل العالم فى 1998 القصة التى حدثت بينه وبين غوارديولا بين شوطي المباراه، فبينما كان يدخل سعيدًا لغرف الملابس بعدما سجل هـدفًا إذا به يرى مدربه متجهمًا، ولا تبدو عليه علامات الرضا بسـبب مخالفته لتعليماته، وهي القصة التى تمنحك انطباعًا واضحًا عَنْ شخصية المدرب الكتالوني.

على الجانب الآخر فإن كارلو أنشيلوتي هو مثال واضح على المدرب الذى يتمناه أغلب اللاعبـين المهاريين، فمقدار الحرية التى يمنحهم إياها قد تفوق كل المدربين الكبار الآخرين.

المدرب الإيطالي قد يرسم خطة المباراه، لكن كل الشواهد تقول إنه يؤمن بارتجال اللاعب الموهوب وأنه لا يمكن ان يطلق موهبته كاملة دون مساحة مـن الحرية التى تجعله مرتجلًا غير متوقع ومن ثم لا يمكن إيقافه.

ريال مدريد ومانشستر سيتي مـن مباراة سابقة بدوري أبطال أوروبا (Getty) الاسطورة

الامر جاء بأنشيلوتي الي ان يُسأل عَنْ سر إشراكه لداني كارفاخال كقلب دفاع أيسر فى مباراة جيرونا بينما اشترك تشواميني كقلب دفاع أيمن، وذلك بعد غيابات قوية ضربت خط دفاع ريال مدريد، فى الوقت الذى يقضي منطق إشراك كارفاخال اضطراريًا كقلب دفاع الي وجوده على الجانب الأيمن كونه ظهير أيمن فى الأصل ما يسهّل عليه التعامل مع مركزه المؤقت.

فما كان مـن المدير الفنى الإيطالي الي ان أجاب ببساطة ان السر فى ذلك يرجع الي أنه سأل تشواميني عَنْ الجبهة التى يحب ان يلعـب فى قلب الدفـاع فأخبره بأنه يفضّل الجانب الأيمن. لا اختراعات هنا ولا تفاصيل فنية وتكتيكية معقدة كانـت أو مبسطة فى الاختيار.. فقط رغبة اللاعب هى ما حسمت الامر!

بيب وكارليتو .. تشابهات قد تفاجئك!

فى الوقت الذى لم يفاجئك كثيرًا ما تم سرده مسبقًا مـن اختلافات وتناقضات كبيرة فى شخصية المدربين، إلا أنك قد تكتشف مع القادم ان كلا المدربين يحملان ايضا تشابهات قد تقنعك بدلًا مـن ان تفاجئك.

يمتلك بيب غوارديولا وكارلو أنشيلوتي قدرة كبيرة على إيجاد حلول للثغرات التى تضرب تشكيلاتهما. ظهر ذلك جليًا عندما فقد بيب غوارديولا جواو كانسيلو وزينتشنكو مـن تشكيلته دون تعويض مناسب، ليقوم بإدخال ريكي لويس فى الحسبة قبل ان يعيد اكتشاف عدة قلوب دفاع يسرى فى هذا المركـز سواء كان ناثان آكي أو جفارديول.

على الجانب الآخر لم يشتك كارلو أنشيلوتي مـن الإحجام الواضح لفلورنتينو بيريز عَنْ ضـم قلب دفاع جديد حتـى عندما ضربت الإصابات خط دفاعه ففقد ميليتاو ثم ألابا ثم روديغير ليكتشف تشواميني فى مركز قلب الدفـاع وكذلك لعب كارفاخال فى هذا المركـز، وبناء على الخطوة الأولى لعب بتوني كروس كلاعب ارتكاز كَمَا فعل لبعض الوقت فى موسـم 2014/2015 وتمامًا كَمَا كان يفعل مع أندريا بيرلو لكن فى هذه المرة قام بحماية الدولى الألماني بكامافينغا وفالفيردي ليقدم كروس نسخة جيدة جدًا منه.

الامر لا يتوقف عند هذا الامر، بل إن كلا المدربين كان قادرًا على إعادة إنتاج شكل تكتيكي مختلف تمامًا للفريق بناءً على ما يمتلك مـن عناصر وإن اختلفت الظروف.

أنشيلوتي وجد نفسه دون رأس حربة مـن الطراز العالمي بعدما فقد كريم بنزيما قبل بداية العام وعوضه فلورنتينو بيريز بخوسيلو، ليقرر المدرب الإيطالي اللعب بدون مهاجـم لكن مع منح بيلينغهام مساحة حرية كبيرة كونه لاعـب رابع فى الوسـط أو ثالث فى خط الهجوم مـن العمق، ليكافئه الدولى الانجليزي بفهم كثير لمجريات المباريات واختيارات ذكية فى الانطلاق ومهاجمة المساحة.

غوارديولا كان قد سبقه لشكل شبيه جدًا عندما وجد نفسه دون مهاجـم بعد إصابات لشهور طويلة لسيرخيو أجويرو وغابرييل جيسوس ليقدم للعالم نسخة مرعبة مـن إيلكاي غندوغان بعدما أدرك المدرب الإسباني ذكاء الدولى الألماني ليقدم ذو الأصول التركية مستوى رائع مـن حيـث التحركات وإجادة اللعب كلاعب وسـط يعرف متى يتحول لمهاجم يجيد التسجيل أو تمهيد الكرة لمن هو قادم لإسكانها فى الشباك.

وإن عدنا للخلف لسنواتٍ طويلة سنجد ان مدير فني السيتي دشن هذه الفكرة راسخة فى صميم العقول التدريبية -حتـى إن لم يكن أول مـن فعلها- لكن بوجود جناح فى الأصل مثل ليونيل ميسي بعدما نقله الي مركز صانع الألعاب لكن كانـت الخطوة الأهم التى فجرت قوى ميسي المبهرة هى فى لعبه كمهاجم وهمي بعدما قرر الاستغناء عَنْ خدمات زلاتان إبراهيموفيتش وتقديم برسا خارق اكتسح الأخضر واليابس وقدم نسخة فى 2011 التى يعدها كثيرون أنها النسخه الأقوى لفريق كرة قدم على مر التَّارِيخُ.

اما كارليتو فكان له السبق الأكبر فى تحويل ريال مدريد لأول مرة لطريقة 4/3/3 بعدما قضى عقود ما بين الـ 4/4/2 فى عصر الجالاكتيكوس وما بعده والـ 4/2/3/1 التى اتبعها جوزيه مورينيو. فبتعديل عبقري صنع أنشيلوتي بعبعًا اسمه أنخيل دي ماريا بعدما نقله مـن مركز الجناح الأيمن الي لاعـب الوسـط الأيسر الذى ينتقل الي الجناح الأيسر بمجرد بداية كريستيانو رونالدو للعمق ليقدم الريال نسخة مبهرة فى دورى أبطال 2014.

مستوى المرونة كان مبهرًا لدى غوارديولا الذى تفوق على أنشيلوتي على مستوى الأفكار المتجددة، فهو الرجل الذى صدم الجميع بتخليه عَنْ جو هارت فقط لانه لا يجيد اللعب بقدميه قبل ان يستسيغ العالم كله تلك الفكرة بعد ذلك ويجدونها مقبولة بعد ان لمسوا اهميه ما رآه بيب قبل الجميع بسنوات، كَمَا ان استمرارية أفكاره لا تخطئها العين، والأمثلة كثيرة مـن الأظهرة المقلوبة التى تدخل للعمق مع كانسيلو وزينتشنكو الي قلوب الدفـاع التى تتحول للاعبي وسـط مع ستونز وأكانجي.

وإن لم تقنعك هذه التشابهات، فى كيفية التصرف مع الغيابات، والمرونة التكتيكية مع الفوارق، فلا بأس.. يمكن ان تكتفي بأن كليهما فاز بدوري الأبطال كلاعب ومدرب مع نفس النادي!

السابق
اتفاق بأمريكا.. هل ستُقام قمه الاهلي والزمالك فى الرياض؟
التالي
هل صار لوكاس باكيتا قريبًا مـن مانشستر سيتي؟