اخبار الرياضة

وداعًا لكرة القدم الحالية.. ماذا بعد توسيع قوائم يورو 2024 ؟

مـن حمى إنشاء بطولات جديدة الي زيادة حضور التكنولوجيا وصولًا الي زيادة عَدَّدَ الفرق فى كاس العالم والبطولات القارية للمنتخبات والأندية والزيادة فى عَدَّدَ البدلاء وتوسعة قوائم المدربين وآخرها بطوله يورو 2024 القادمة، تغييرات متسارعة تشهدها الالقاب الكبرى، ومعها قد يقول محبي كرة القدم وداعًا لكرة القدم التى يعرفونها حاليًا وسيكون عليهم ان يشدوا الأحزمة استعدادًا للانتقال الي عصر جديد.

ولعل الرابط المشترك بين جميع التغييرات التى عرفتها اللعبة فى السنوات الاخيره هو تحول كرة القدم نحو نمط استهلاكي وصناعة تهتـم قبل اى شيء بالعائد المادي الذى يتأثر بحسابات الربح والخسارة؛ إذ إن الفـوز بلقب مـن الممكن ان يصل فريقًا الي مستوى اقتصادي أعلى، والخسارة قد تودي به الي هاوية الإفلاس، ولأن نتائـج المباريات تتوقف على تفاصيل دقيقة جدًا، كان مـن الضروري جلب تقنية الـ”VAR” للعبة وعين الصقر، وقبل ذلك وصلت التكنولوجيا الي كواليس الانديه والتدريبات وغرف صناعة قرارات التعاقدات.

زيادة اللاعبـين فى قوائم يورو 2024 أمر كان متوقعًا

فى ضوء المعطيات السابقة كان مـن المتوقع زيادة عَدَّدَ اللاعبـين فى قوائم المنتخبات المشاركة فى كاس الأمم الأوروبية يورو 2024 التى تستضيفها ألمانيا الصيف القادم، بعد تطبيق الفكرة فى بطولات أخرى كان آخرها النسخه الماضية مـن كاس امم أفريقيا.

ويستعرض هذا المقال مـن العمدة نيوز عَدَّدًَا مـن التغييرات التى مـن المتوقع ان يشهدها عالم الكرة مستقبلًا، بعد ازدياد ظهور مؤشراتها فى السنوات القليلة الماضية فى العديد مـن الالقاب وآخرها بطوله يورو 2024 المرتقبة فى ألمانيا.

بطولات جديدة واستمرار نجاح فكرة السوبرليغ

رغم الفشل الذريع الذى مُنِيَ به مشروع دورى السوبر الأوروبي وانهياره بعد 24 ساعة مـن الإعلان عنه، فإن المؤشرات التى تشهدها الساحة الكروية تدل على ان الفكرة ما زالت قائمة ولم تمت.

ومن المفارقات الغريبة ان فكرة السوبرليغ حققت نجاحًا منقطع النظير بعد إخفاقها فى موطنها الأصلي الذى جاءت منه أوروبا؛ إذ ظهر لاحقًا الدورى الأفريقي الذى كان يحمل اسم “دورى السوبر الأفريقي” قبل تغييره الي الاسم الحالي، وانتقلت الفكرة الي آسيا التى ستشهد العام القادم ولادة دورى أبطال آسيا للنخبة، وتُوجِّت بإقامة كاس العالم للأندية بنظامها الجديـد.

وعلى غرار ما حدث فى فكرة زيادة القوائم التى طُبقِّت فى أفريقيا أولًا ومن المنتظر تطبيقها فى بطوله يورو 2024 القادمة، قد تكون هذه الالقاب المستحدثة بمثابة تجارب لجس النبض واستكشاف المزايا والعيوب وحساب المكاسب والخسائر قبل ان يتبنى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فكرة السوبرليغ فى مسابقاته للأندية مـن دون ان يمنح فلورنتينو بيريز براءة اختراع، مـن اثناء استنساخ ما حدث فى القارات الاخرى بتغيير أنظمة المسابقات مـن دون استخدام اسم السوبرليغ، ولعل التغيير الذى حدث فى نظام دورى أبطال أوروبا للموسم القادم الخطوة الأولى فى هذا الاتجاه.

حمى الالقاب الجديدة لم تقتصر على الانديه فحسب؛ إذ دخلت المنتخبات على الخط أيضًا، والبداية كانـت دورى الأمم الأوروبية قبل التوجه نحو تطبيقها فى بطوله يورو 2024 المرتقبة، لكن الفكرة لم تُطبَّق حرفيًا فى قارات أخرى مثل آسيا وأفريقيا، لمحدودية القدرات التنظيمية والمالية والتقنية والفنية وصعوبة ضبط الروزنامة فى اثناء عدم تبني فكرة لعب مباراتين أسبوعيًا فى القارتين وربما عدم جاهزية اللاعب الآسيوي والأفريقي لتطبيقها؛ لذلك كان اللجوء الي حل بديل مـن اثناء إقامات بطولات دولية رباعية ودية على غرار ما حدث فى مصر والجزائر مؤخرًا.

زيادات جديدة فى القوائم وعدد البدلاء

الاستمرار فى استحداث بطولات جديدة سينتج عنه زيادة عَدَّدَ المباريات وازدحام الروزنامة وتقلص مدة إجازات اللاعبـين، ما يستدعي الحاجة الي وجود عَدَّدَ أكبر مـن اللاعبـين فى قوائم المنتخبات والأندية؛ ولذلك لن يكون مـن المستبعد توسيع القوائم لتشمل 28 أو 30 لاعـبًا، وزيادة عَدَّدَ البدلاء فى المباراه الواحدة الي 7 أو 8، واختفاء الشكل التقليدي لنموذج اللاعب الاساسى والبديل لمعظم اللاعبـين؛ فباستثناء كبار النجوم سيتقلص الفارق بين عَدَّدَ الدقائق التى سيحصل عليها مـن يبدأ المباراه والبدلاء.

لن يتوقف الامر عند ذلك؛ إذ إن تعامل الانديه مع عَدَّدَ لاعبين أكبر سيجبرها على زيادة أفراد طواقمها الفنية واستحداث وظائف جديدة مع الاستعانة بالتكنولوجيا أكثر لإدارة العدد الكبير الذى تمتلكه مـن اللاعبـين.

العدد على حساب الكيف

مع ظهور بطولات جديدة والحاجة لعدد لاعبين أكبر، سيزداد الضغط على أكاديميات كرة القدم لإمداد سوق العمل بالزاد البشري الذى تحتاجه، وستهتم الأكاديميات بتخريج أكبر عَدَّدَ ممكن مـن المواهب.

ليس بالضرورة ان يمتلك لاعبو المستقبل موهبة خارقة، يكفي فقط ان يتقنوا أبجديات كرة القدم ويحفظوا الأسس والتعاليم التكتيكية بما يكفي لتطبيق أفكار المدربين.

بطالة كروية أكبر وعمر افتراضي أقل

مع العدد الكبير مـن خريجي أكاديميات كرة القدم وشيوع اللاعبـين مـن ذوي المواهب المتوسطة والعبء الذى مـن المتوقع ان تتكبده ميزانيات الانديه بسـبب زيادة كتلة الرواتب بالاضطراد مع الزيادة فى قوائم اللاعبـين، سيكون هناك المزيد مـن الخيارات لدى الانديه وسنشاهد المزيد مـن اللاعبـين مـن دون عقود على غرار دافيد دي خيا.

ومع الاستنزاف الكبير للاعبين بازدحام الروزنامة وزيادة عَدَّدَ المباريات فى العام الواحد ومع كثرة اللاعبـين المتاحين سيصبح العمر الافتراضي للنجوم فى المستوى الأعلى مـن كرة القدم أقل وسيكونون مجبرين دائمًا على ترك أماكنهم لنجوم صاعدين.

سيطرة الآلة واختفاء رونالدينيو وانقراض فيرغسون

فى اثناء حسابات الربح والخسارة التى تعمل بها الانديه لم تعد الموهبة أولوية، يكفي ان يكون اللاعب متوسط الموهبة محدود القدرات فنيًا لكنه يعمل كآلة محشوة بقدر كبيرة مـن التعاليم التكتيكية، ومستعد لتقديم أكبر قدر ممكن مـن التضحية البدنية وتطبيق أفكار مدربيه.

هذا جعل معظم لاعبى الجيل الحالي لا يلعـب كرة القدم ليستمتع بل يتعامل معها كوظيفة؛ ولذلك اختفى نموذج رونالدينيو الذى كان يدخل لملعب كرة القدم مـن اجل المتعة الخالصة بعيدًا عَنْ حسابات المال والشهرة والنجومية، فى أوج مدة نجوميته مع برشلونه كان يُرى دَاخِلٌ المستطيل الأخضر مبتسمًا دائمًا، وبعد فوزه بكل الْجَوَائِزُ الفردية والجماعية الممكنة فقد الشغف سريعًا واستسلم لغريزته الإنسانية، وزلاته خارج المستطيل الأخضر تُذكِّر الجماهير دائمًا بأنه بشر قبل ان يكون لاعـب كرة قدم وليس آلة جامدة.

يحظى كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي بالثناء كثيرًا بسـبب قدرتهما على استدامة النجاح، لكن الكثيرين ينسون الالتفات الي ما وراء ذلك مـن التضحيات الكبيرة على مستوى الحياة الشخصية، فى نموذج مناقض تمامًا للساحر البرازيلي الذى يصعب -فى كرة القدم الحالية- تخيل وجود موهبة نقية مثله تلعب للمتعة الخالصة بعيدًا عَنْ اى حسابات أخرى.

الإيطالي أندريا أنييلي رئيس فريق يوفنتوس

ليس رونالدينيو وحده مـن اختفى؛ إذ إن نموذج السير أليكس فيرغسون الذى أمضى نحو ربع قرن فى تـدريــب مانشستر يونايتد يبدو غير قابل للتكرار، فى اثناء الكم الهائل مـن البيانات التى ينبغي لأي مدير فني التعامل معها يوميًا، مـن دون الحصول على فرصة لالتقاط الأنفاس بسـبب ازدحام الزوزنامة وقصر النهائي بين المواسم، وإعلان يورغن كلوب الرحيل عَنْ ليفربول مثال حي يجسد ذلك.

فى كرة القدم الحديثة سنقول وداعًا للمدرب الذى يستمر لسنوات طويلة، ووداعًا للموهبة التى تلعب لتستمتع بعيدًا عَنْ حسابات الربح والخسارة، وأهلًا باللاعب النمطي “الآلة” الذى يتعامل مع كرة القدم كوظيفة ويطبق حرفيًا أفكار المدربين.

أمريكا اللاتينية الملاذ الأخير

تبدو أمريكا اللاتينية بعيدة عَنْ ملاحقة التطورات المتسارعة فى كرة القدم الأوروبية إلا بالحد الأدنى الذى يسمح لها بالبقاء، وستكون اثناء السنوات القادمة امام خيارين؛ ان تصيبها العدوى مـن الكرة الأوروبية، أو ان تبقى الملاذ الاخيره لمتعة كرة القدم الخالصة النقية ونستمر برؤية سحرة برازيليين جدد وراقصي تانغو بارعين.

زهرة لوسيل (diffah.alaraby) العمدة سبورت

الخيار الثالث ان ينقلب السحر على الساحر الأوروبي وتغدو الكرة التى يقدمها رتيبة ومملة، فيعود الي المبادئ القديمة التى انقلب عليها، ويستنجد بمواهب نقية على غرار الاخيره التى صدرتها القارة اللاتينية الي نظيرتها العجوز والتي تضمنت أسماء مثل فينيسيوس جونيور ورودريغو جوس وجوليان ألفاريز، بعدما كبّلتْ القيود التكتيكية الكثيرة أقدام الموهبة الأوروبية ومنعتها مـن الظهور.

السابق
تسريب يكشف سياسة تقشف صادمة مـن السير جيم راتكليف فى يونايتد!
التالي
ليني يورو يتأهب لتكرار سيناريو كامافينغا وتشواميني