بملامح آسيوية وضحكات بريئة وقصة شعر قليلة، لا تشبه قصات شعر بني جيله، جاء ابراهيم مازا موهبة فريق هيرتا برلين الألماني لأول مرة الي مركز تجهيزات منتخـب الجزائر فى ضاحية سيدي موسى جنوبي العاصمة الجزائرية.
وصوله الي المعسكر فى مدة التوقف الدولى لشهر أكتوبر/ تشرين الاول 2025، كان حدثًا كثيرًا للجماهير الجزائرية التى اكتشفته عَنْ قرب لأول مرة..، إنه يشبه “التلميذ المجتهد”، “علامات الانضباط واضحة عليه”، “ألا يعلم بأنه سيقابل محرز؟”، هكذا كانـت أولى تعليقات المشجعين الجزائريين على ظهوره فى معسكر “محاربي الصحراء”.
إنه ابراهيم مازا (18 عَامًٌا) مـن مواليد مدينة برلين الألمانية مـن أب جزائري وأم فيتنامية، لعب مع منتخبـات ألمانيا تحت 18 و19 و20 عَامًٌا؛ ولكنه اختار فى النهايه تغيير جنسيته الرياضية، واللعب مع منتخـب الأجداد الجزائر.
رحلة قدوم مازا مـن ألمانيا الي الجزائر تحمل فى طياتها المزيد مـن الأسرار والأحداث والمعاني السامية، إنها رحلة ارتبطت بالجذور والجينات الوراثية، ومسيرة شرف مـن برلين الي العاصمة الجزائرية، ودم جزائري ينبض بحب الوطن.
علاقة ابراهيم مازا وطيدة مع الجزائر والجينات لعبت دورًا
ابراهيم مازا لم ينزل مـن السماء ويسقط فجأةً فوق أرض الجزائر، بل إن علاقته مع بلد أجداده وطيدة، وعميقة بصورة تجلت فى زيارته الدائمة الي بلده مـن جهة الأب كل صيف لقضاء العطلة مع الأهل والأقارب فى ضواحي العاصمة الجزائرية مسقط رأس والده “سفيان”.
زيارات موهبة فريق هيرتا برلين الي العاصمة الجزائرية، جعلته يستمتع بشمسها المشرقة وبحرها الجميل وسمائها الزرقاء، مع استماعه بتركيز عال الي القصص التى كانـت تُسرَد له عَنْ والده فى بلد الضيافة والتقاليد الكبيرة الجزائر.
وفي تصريحـات خاصة لموقع “الفيفا” الرسمى، اعلن مازا: “الطقس جميل هنا (الجزائر)، والناس جميلون والبلد جميل”؛ فبالنسبة لإبراهيم اختيار اللعب مع الجزائر ليس مهنيًا بحتًا، بل هو شرف وفخر لتمثيل ألوان بلد الأجداد.
مباراة الجزائر وألمانيا فى مونديال 2014 نقطه تحول فى حياة مازا
ابراهيم مازا الشاب البسيط، الموهوب والمولع بكرة القدم، لم يختر اللعب مع “محاربي الصحراء” بسـبب زياراته المستمرة لبلد أجداده فقط، بل إن مباراة الجزائر وألمانيا فى ثمن نهائى كاس العالم 2014، جعلته يعرف قيمة ومعنى ان يكون جزائريًا، ويؤمن بحظوظه فى اللعب بالمستوى العالي يـومًا ما.
لقد كان فى سن موهبة هيرتا برلين حينها 9 أعوام فقط، وذلك فى المواجهة التى جمعت بين المنتخبين الجزائري والألماني، وانتهت بفوز “المانشافت” بنتيجة (2-1)، وقال مازا بشأن تلك المباراه، وتألق حارس الجزائر حينها وهاب رايس مبولحي: “أتذكر كل تصدياته لقد ألهمني ذلك، وجعلني أؤمن بأنني أستطيع أيضًا اللعب فى المستوى العالي يـومًا ما”.
وكشف مازا بأن أغاني وأهازيج الجماهير الجزائرية فى مونديال البرازيل، أكسبته مجموعه مـن المعاني، وقال: “فى تلك اللحظة فهمت معنى ان أكون جزائرياً وأن أدافع عَنْ ألوان وطني، وهذا ما دفعني الي العمل بإصرار والإيمان بقدراتي”.
ابراهيم مازا “المازوزي” يشعر بالتوتر بوجود محرز
وأكد مازا “المازوزي” (المازوزي لقب يطلق على الطفل صغير العائلة المحبوب فى الجزائر) بأنه شعر بالتوتر والحماسة لدى وصوله الي معسكر الجزائر لأول مرة، وملاقاته لنجوم مثل رياض محرز نجم الاهلي السعودي الذى كان يشاهده فى التلفاز، عندما كان صغيرًا، بتأكيد منه.
موهبة هيرتا برلين وضح عَنْ أحاسيسه ومشاعره بعد لقائه الاول مع نجوم “الخضر”، وقال لموقع “الفيفا”: “عندما كنت صغيرًا، كنت أشاهد عروضه على شاشة التليفزيون، وكنت أحلم بأن أتمكن مـن اللعب الي جانبه يـومًا ما، أنا اليـوم أتشارك الْمَلْعَبُ معه ومع لاعبين آخرين مشهورين مثل بغداد بونجاح ورامي بن سبعيني، المعروفين فى ألمانيا، إنه أمر غير معقول”.
سفيان (والد مازا): الدم سبب اختياره للجزائر
ابراهيم مازا، وبعد قدومه الي الجزائر لأول مرة، لم يحتج المزيد مـن الوقت لإبهار السويسري فلاديمير بيتكوفيتش مدير فني “محاربي الصحراء” بإمكاناته، وقال المدرب بشأنه: “إنه لاعـب موهوب ومهاريّ للغاية، وعلى الرغم مـن صغر سنه، يتمتع بذكاء كروي رفيع”.
هذه الإشادة مـن المدرب بلاعبه، تُرجمت الي إشراكه بديلًا فى مباراة الجزائر وتوغو فى تصفيات كاس امم أفريقيا 2025، وانتهت بإسهام مازا فى هـدف “الخضر” الخامس بعرضة كرة مفتاحية فى لعبة جماعية جميلة. لقد انتهت المباراه بفوز “محاربي الصحراء” بـخمسة اهداف لهدف واحد بمشاركة موهبة هيرتا برلين.
سفيان والد مازا، لم يتمالك نفسه، وراح يعبّر بفخر شديد عَنْ إسهام ابنه فى فـوز الجزائر، ومشاركته لأول مرة مع منتخـب الأجداد، بقوله: “الحمد لله أنا أشعر بالفخر مثل كل الآباء الجزائريين، والحمد لله، نتمنى ان يسهم أبناؤنا فى مساعدة وتشريف البلد”.
سفيان والد ابراهيم مازا وضح ايضا عَنْ سبب تفضيل ابنه اللعب مع منتخـب الجزائر الاول بدلًا مـن ألمانيا، وقال، والفخر يملأ عيناه: “الحمد لله تربيته وأخلاقه دفعته لاختيار الجزائر، ودمه وقلبه”..، إنه القلب الذى ينبض بحب الجزائر.