رياضة سوبوتيو.. جنس جديد مـن ألوان الرياضة قادم بقوة فى إنجلترا، التى شهدت بدورها ولادة كرة القدم، ولكن هل ستستمر الرياضة الجديدة فى استمالة المعجبين، وهل ستصل يـومًا ما الي الأراضي العربية، سؤال يحمل الزمن إجابته؟
بإصبع مرتجف تسبّب لاعـب منتخـب إنجلترا المخضرم فى لعبة سوبوتيو رودي بيترشينيغ بركلة حرة أرسلت بلاده الي الوقت الإضافي فى ربع نهائى كاس العالم، قبل ان يحطم حارس مرماه البلاستيكي أرضًا مـن شدّة الغضب.
فى مدينة تونبريدج ويلز الإنجليزية الأنيقة الواقعة جنوبًا، احتشد حوالى 300 لاعـب نخبوي لخوض لعبة كرة القدم على الطاولة التى يحبونها.
وقال هيوغي بيست (58 عَامًٌا) الذى سافر مـن بيرث بأستراليا للمشاركة والتعليق على الحدث: “لن أقول إن هذه هى افضل عطلة نهاية أسبوع مررت بها فى حياتي، لكنها بالتأكيد بين افضل اثنتين”.
تعد مدينة تونبريدج ويلز التى تبعد نحو خمسين كيلومترًا عَنْ وسـط لندن “مسقط الرأس الروحي” للعبة سوبوتيو والتي أُنشِئت فى عَامٌ 1946 قبل ان تبدأ فى الانتشار حول العالم.
هذه اللعبة الجديدة التى تمتاز بالمهارة والإستراتيجية، قد تراجع انتشارها فى ضوء ازدهار الألعاب الإلكترونية، بيد أنها تشهد فى الوقت الحالي إعادة انتعاش لدى أولئك الذين يكتنفهم الحنين الي الماضي، خاصة جيل الشباب، حيـث تعد نسخة هذا العام مـن الأضخم على الإطلاق.
وقال ستيوارت غرانت، المسؤول الاعلامي فى الاتحاد الانجليزي لرياضة سوبوتيو المنظم للبطولة، إن زهاء خمسة آلاف شخص زاروا الفعاليات المتنوعة للبطولة التى استمرت ثلاثة أيام، حيـث احتضنت المدينة هذا الحدث غير المعتاد، مضيفًا: “كل مـن تتحدث إليه يقول إنها أشبه بمنزلهم الخاص. إنها بمثابة رحلة مقدسة لبعض الناس”.
تعد القدرة على الجمع أيضًا جزءًا مـن جاذبية اللعبة، حيـث يقوم العديد مـن المشجعين بجمع الفرق والمدرجات والمشجعين والأضواء الكاشفة والجوائز ولوحات النتائج المرسومة يدويًا بعناية، دون اللعب بالضرورة.
سوبوتيو والتأثير الإيجابي للإغلاق اثناء “كورونـا”
وقال هاري براون (12 عَامًٌا) وهو أحد المتفرجين واللاعبين غير المتفرغين: “إنه أمر رائع، يمكن التحكم فى الكرة ومقدار القوة بيديك. أحب الطريقة التى يمكن بها رسم اللاعبـين وتغيير الفرق”.
بدوره، اعلن لاعـب منتخـب إنجلترا للشباب أليكس سكوت لوكالة فرانس برس إنه لا يمارس ألعاب الفيديو لأن سوبوتيو “أكثر إمتاعًا بكثير. إنها القدرة التنافسية والتنقل بين أماكن مختلفة والتعرف على أشخاص جدد”.
يدير والده، جاستن فريقًا فى وولفرهامبتون وكان واحدًا مـن بين الحاضرين فى الحدث وممن لاحظوا صعود عَدَّدَ المحبين والمتابعين للعبة.
وأوضح: “المزيد مـن الناس ذهبوا الي غرفهم وأوجدوا طريقتهم الخاصة لممارسة هذه الرياضة، للتكيّف مع مدة الإغلاق التام بسـبب كوفيد-19”. وأردف: “ثم بحثوا عمّا إذا كان هناك نادٍ عندما أُعيد فتح كل شيء”.
هـدف لعبة سوبوتيو هو مشابه تمامًا لكرة القدم، وهو تَسْجِيلٌ أكبر عَدَّدَ مـن الأهداف فى مرمى منافسك. يحدث ذلك مـن اثناء تحريك مجسمات اللاعبـين “صغيرة الحجم” وفي أسفل كل مجسم قاعدة مسطحة أو نصف كروية، مع تحريك الكرة نحو مواقع تَسْجِيلٌ الأهداف.
أجريت المباريات الإقصائية لبطولات الفرق (تحت 12 و14 و16 و20 عَامًٌا والمخضرمين والسيدات والمنافسة المجانية) فى الوقت نفسه مـن الموقعة النارية التى جمعت بين أرسنال ومانشستر سيتي فى الدورى الانجليزي لكرة القدم الأحد، لكنّ الأنظار كلها كانـت شاخصة فى مركز تونبريدج ويلز الرياضي ونحو 50 طاولة يعلوها مستطيل أخضر.
قبل المباريات، أخرج المتنافسون لاعبيهم النجوم مـن دَاخِلٌ صناديق خشبية مزخرفة، وقاموا بوضعها فى مواقع محددّة. وبعد عدّ عكسي لعشر ثوان، بدأت المباراه التى تستمر لثلاثين دقيقة.
هتافات وأعصاب مشدودة
تتألف بطولات الفرق مـن أربع مباريات فردية متزامنة، وسـط هتافات مرتفعة للمتفرجين تشير الي أماكن تَسْجِيلٌ الأهداف.
وكادت الأعصاب ان تتلف عندما ظن لاعبو منتخـب إنجلترا انّهم سجلوا هـدف الفـوز على حساب إيطاليا قبل ان يُلغى بشكل مثير للجدل.
لكنّ مشاعر الخيبة سرعان ما تلاشت، عندما سجّل بوبي فارني “الرائع” الهدف الذهبي الذى قاد فريق إنجلترا للمخضرمين الي الفـوز على حساب بلجيكا فى الدور نصف النهائى، مما أشعل موجة كبيرة مـن الاحتفالات بينما كان مُحاطًا بالعشرات مـن زملائه فى النادي والمتفرجين.
وقال فارني مازحًا لمصور وكالة فرانس برس قبل لحظات مـن إحرازه الهدف “تذكر فقط، إنها لعبة طاولة للأطفال، يُوصى بها للفئة العمرية مـن 7 الي 11 عَامًٌا. هذا مكتوب على العلبة”.
كان المؤسس المشارك لفريق دروبس سايكلينغ Drops Cycling، أنجح فريق دراجات هوائية للسيدات فى المملكة المتحدة، يشارك مع ضمادة على أصبعه بعد تعرضه لإصابة سيئة فى اثناء قيامه بإنقاذ هجمة خطيرة، ثم طلب فى وقت لاحق مازحًا ان يُوصف بأنه “البطل الدامي”.
خسر فريق فارني فى النهائى امام الإيطاليين الذين فازوا أيضًا بالمسابقة الأساسية المجانية بعد تَسْجِيلٌ هـدف الفـوز قبل ثلاث ثوانٍ مـن نهاية المواجهة النهائيه مع بلجيكا، وسـط فرحة كبيرة لدى زوجات اللاعبـين وعائلاتهم والمدربين الذين وقفوا على الجانبين يشاهدون بكل شغف.
وقال ماتيو تشيكاريلي (25 عَامًٌا) الفائز بكأس العالم لوكالة فرانس برس والعرق يتصبب مـن جبينه بعد فوزه فى المباراه النهائيه 4-1 “لا أعرف ماذا أقول. أنا ضائع، إنه أمر لا يصدق”.