لم يكمل السد تدبير الظهور الاول فى النسخه الجديدة مـن دورى أبطال آسيا للنخبة بطريقة مثالية بعدما فرّط فب انتصار كان سيكون ثمينًا جدًا على العين الإماراتي، واكتفى بتعادل إيجابي بهدفٍ لمثله، متنازلًا عَنْ جملة مـن المكاسب المعنوية التى ستعينه، ليس فقط على استكمال المشوار القاري كمرشح فوق العادة بعد خسارة البطل على أرضه، بل على المستوى المحلي بمخزون ثقة سيساعد حتمًا فى تصويب الطريق بعد بداية خجولة فى دورى نجوم أريدُ.
القراءة كانـت مثاليةً لشوط أول يُدرّس على مختلف الصُعد، خصوصًا ان تفاصيل نصف المباراه تجاوزت الضغوط التى كانـت كبيرة قبل رحلة العين، حيـث التعويل على الشخصية الكبيرة التى كسبها الزعيم مـن إرثه القاري، كي تظهر فى موعدها المطلوب مـن اجل تدارك عرض مهزوز لا يمت بصلة للتقاليد السداوية العريقة، فكان استحضار التَّارِيخُ الوسيلة المثلى لتجاوز إرهاصات صورة غير مقنعة سبقت –لسوء الطالع– ضربة بداية تحدٍّ قاري ينتظره السد مـن اجل التأكيد بأن الغياب عَنْ المشهد التنافسي الآسيوي فى الأدوار المتقدمة، عارضٌ ليس أكثر.
السد.. واقعية دون فلسفة
فى النصف الاول مـن المباراه جسد المدرب الإسباني فيليكس سانشيز الواقعية –دون فسلفة– عندما اختار نهجًا منطقيًا على مستوى بناء ترسانة دفاعية كانـت نتاج رصد دقيق لقوة المنافس مـن اثناء الاعتماد على ثلاثة مدافعين فى عمق المناطق الخلفية بقيادة الخبير خوخي بوعلام بمساعدة طارق سلمان وبيدرو؛ لكنه لم يتخلَ كليًا عَنْ الدور الهجومي بعدما منح أوتافيو ويوسف عطال أدوارًا مزدوجة بين تأمين الأطراف فى الشق الدفاعي والانطلاق فى المساحات الهجومية عبر تحولات أزعجت، بل أحرجت، فريق العين كثيرًا، هذا الي جانب وجود ثلاثة محاور أسهمت فى بناء ساتر قوي لحرمان المنافس مـن السيطرة المطلقة على منطقه العمليات، مع التأكيد بأن هذا الثلاثي تناوب على الإسهام فى التحولات اثناء الشوط الاول فقط.
نجاح سانشيز المؤقت فى الشوط الاول قد تأكد بعد إجادة التعامل مع عارض اصابه بوعلام بعد ربع ساعة، وهي الإصابة التى كانـت كفيلة لو لم يتم ترميمها بمنطق، ان تُحدث شرخًا فى الخطة التكتيكية، فزج بمحمد وعد ليكون ثالث المدافعين مـن الطرف الأيسر، مع إعادة بيدرو ليكون فى قلب مناطق الدفـاع.
العمل الهجومي كان يتم بمثالية فى النصف الاول مـن المباراه، وإن كان سانشيز –وغيره مـن المدربين– محظوظين بوجود افضل لاعـب فى آسيا فى السنوات الاخيره، أكرم عفيف، الذى لا يمكن ان يتوارى عَنْ الأنظار حتـى لو تم التعاقـد مع كومة نجوم، فسجل هـدفًا منح السد الأسبقية فى الأنفاس الاخيره مـن الشوط الاول.
شوط ثانٍ بخيار الدفـاع فقط!
كل ما سقناه يأتي مـن باب إنصاف مدير فني السد فى الشوط الاول، لكن ذلك لا يحجب علامة استفهام بشأن التعامل مع تفاصيل الشوط الثانى، فاختار الرجل الدفـاع فقط بالتراجع المُفرِط، الامر الذى وضع الخط الخلفي تحت وطأة ضغط متواصل وعبء كثير، ومنح المنافس سيطرةً شِبه مطلقة على المجريات دون القدرة على تنفيذ التحولات التى ظهرت فى الشوط الاول على شكل فرص حقيقة، غابت كليًا فى الشوط الثانى.
وبدا واضحًا ان المدرب كبّل خماسي الخط الخلفي بالدور الدفاعي فقط فى الشوط الثانى، دون ازدواجية الإسناد التى كانـت فى النصف الاول خصوصًا لعطال وأوتافيو أو حتـى مَن ســاهم بديلًا، الي جانب تكليف ثلاثي المحور بالاقتراب أكثر مـن الخط الخلفي، فأرهق ثنائي الهجوم فى مناوشات غير مجزية فى اثناء غياب الإسناد الحقيقي.
الخيارات البديلة لم تكن لتسمن، فى اثناء تقنين الأدوار فى تأمين الخطوط الخلفية، فبدا التعادل هـدفًا واضحًا للسد فى المباراه التى لن تتكرر بمبدأ الذهاب والإياب وفقًا لمستجدات نظام البطولة، فالسد لن يقابل العين فى الدوحة، على اعتبار ان كل فريق يَخُوض أربع لقاءات خارج أرضه مع أربعة منافسين مختلفين، عَنْ أولئك الذين سيواجههم على أرضه.
قد تكون النقطة امام حامل البطولة خارج الأرض جيدةً، خصوصا فى هذا التوقيت بالذات فى اثناء ما عاناه السد مـن ضغوط بعد الخسارة المفاجئة امام أم صلال فى رابع جولات الدورى المحلي؛ لكن الحقيقة الفنية تشير الي اللعب بذات الأسلوب فى الشوطين الاول والثاني كان كفيل بخروج السد بالانتصار ومن ثم التعادل على أقل تقدير، دون مجازفة البحث عَنْ النقطة!
كَمَا وجب الأخذ بعين الاعتبار خطأ الجزم بأن الأسلوب الذى اختاره المدرب فى الشوط الثانى هو الذى أمّن النقطة، تلك تفصيلة صغيرة كانـت كفيلة بالعودة بالخسارة.. فمقولة إن الزعيم لم يشأ المجازفة هى مغلوطة حتمًا، لأن العودة الي المناطق الدفاعية خصوصًا بعد التعادل، يُعد بحد ذاته مجازفة.