غيّب الموت الكابتن إيهاب جلال اليـوم، لكنه ترك إرثًا عظيمًا وكبيرًا فى كرة القدم المصرية، إرث إنساني، وإرث فى كرة القدم الحالمة التى تمسك بها حتـى فى أسوأ الظروف، لدرجة أنك قد تعرف الفرق التى يقودها الراحل مـن دون ان تعرف أنه هو المدرب الواقف على الخط.
“عندما كنت أعمل لصالح النادي الإسماعيلي، حدثني أحد عمال النادي عَنْ تأخر صرف مستحقاتهم “الضئيلة” فى مدة مـن الفترات، وعندما علم جلال، المدير الفنى للفريق فى ذلك الوقت بالأمر، رفض النزول للتدريب قبل صرف مستحقات العمال، ليكسب قلوبهم فورًا، فقد كان أكثر مـن مدير فني يدير فريقًا يضع خططًا دَاخِلٌ الْمَلْعَبُ فقط”.
إيهاب جلال الحالم
فى موسـم 2016-17، عندما كان يقود مصر المقاصة وبمباراة بتاريخ 9 ديسمبر/ كانون الاول 2016، كان النادي يلعـب مباراة امام الإنتاج الحربي، وأدهش إيهاب جلال الجميع عندما خَاض المباراه بطريقة غريبة على كرة القدم المصرية فى ذلك الوقت (3-3-2-2).
النادي لعب بطريقة هجومية ضمت الثلاثي الدفاعي هاني سعيد وأحمد مودي وأحمد سامي، وثلاثي فى وسـط الْمَلْعَبُ هم احمد داود وهشام محمد وإيرك تراوي، وأمامهم احمد الشيخ وباولن فوافي وأمامهم الثنائي الهجومي احمد عبد الظاهر ونانا بوكو.
كانـت طريقة غريبة تمامًا لأنها كانـت هجومية تمامًا، أسفرت عَنْ فـوز للإنتاج الحربي مع سيطرة شبه مطلقة، وشرح جلال الطريقة بأنه أراد ان يجعل النادي يخترق مـن العمق مـن دون أجنحة صريحة أو أظهرة صريحة.
المدرب الراحل كسر صورة نمطية كانـت مأخوذة عَنْ المدربين المصريين الذين يلعبون بشكل تحفظي، لكنه يريد لعب كرة قدم حقيقية تبدأ مـن الحارس حتـى المهاجم.
علامات جيدة لفرق إيهاب جلال
طريقة جلال يجعل الفرق التى يُدربها تصنع أكبر كم ممكن مـن الفرص مهما كانـت جودة العناصر، فعلى الرغم أنه استلم تـدريــب الإسماعيلي العام الماضي وهو فى أسوأ أحواله، ورحل عنه كوكبة مـن افضل لاعبيه وصناع لعبه.
نجح الإسماعيلي فى أوج أزمته ان يصنع 34 فرصة كبيرة مثل الزمالـك، ولم يخش جلال فى جعل لاعبيه يقومون بالضغط المتقدم، فكسب الكرة مـن ثلث ستاد الخصم 119 مرة، كثالث أكثر الفرق فى الدورى المصرى 2023-24 بعد الاهلي وبيراميدز.
ستجد ان فرق إيهاب جلال كانـت تتصدر الدورى المصرى فى إحصائية أكثر التمريرات، وفي أكثر مـن صنع فرصًا واستحوذ على الكرة.
يرسم سيناريو المباريات ويتحقق
اعلن قائد إنبي السابق رامي صبري، مؤخرًا فى مقابلة مع الاعلامي عبد الرحمن مجدي جملة معبرة: “إيهاب جلال كان يعطي محاضرة فيها سيناريو المباراه، وكان يتحقق دومًا”.
محاضرات جلال الفنية قبل المباريات كانـت ممتعة، وكان يرسم صورًا للاعبين، كل لاعـب بتحرك معين يقوم به، وبالتخلق يخلق صورة جماعية جيدة، لأن كل لاعـب يعرف دوره بالتحديد.
إيهاب جلال كان يريد فى جعل النادي يلعـب كوحدة واحده، وأكد مرة أنه قد يفضل عدم اللعب بمهاجم مهما سجل مـن اهداف، لو أنه لم ينفذ التحركات التى يطلبها منه.
وأضاف: “أقول ذلك لكل المهاجمين. إذا نفذت المطلوب منك ولم تُسجل فأنت ستشارك. إذا سجلت فقط ولم تنفذ المطلوب وتعتقد بأنك بهذه الطريقة ضمنت مركزك، فلن تشارك.. أحيانًا لا أريد المهاجم ان يُسجل بقدر فتح مساحات لزملائه”.
سماته الشخصية
يتسم إيهاب جلال بالهدوء الشديد فى تعامله مع اللاعبـين أو الحكام، كَمَا ان الجانب النفسي أحد الامور التى يجيدها، فلن تجده صاخبًا خارج الْمَلْعَبُ أو فى المؤتمرات الصحفية، وقال عنه احمد الشيخ لاعـب الإسماعيلي الحالي: “إيهاب جلال افضل مدير فني يصل الضغط عَنْ لاعبيه. تألقت بسببه فهو افضل مـن يتعامل مع اللاعبـين فى مصر”.
غيّب الموت إيهاب جلال وربما لم يتوج بالبطولات كمدرب لكرة قدم، لكنه توج بقلوب الجميع، وهذه أعظم بطوله للإنسان.