اكتفى المنتخـب القطري بنقطة التعادل امام المنتخـب الكوري الشمالي بهدفين لمثليهما، فى اللقـاء الذى أجري فى لاوس، لحساب الجولة الثانية مـن الدور الثالث للتصفيات الآسيوية المؤهلة الي نهائيات كاس العالم 2026 فى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.
وجمع العنابي -بطل آسيا مرتين- نقطه يتيمة بعد جولتين، دون القدرة على تدارك التعثر المفاجئ امام المنتخـب الإماراتي بهدف لثلاثة فى الدوحة، فبات فى مركز متأخر فى المجموعة، ليجد نفسه تحت وطأة إرهاصات كبيرة مـن اجل تصحيح الطريق فى قادم الجولات.
تساؤلات كبيرة تركها تعامل مدير فني المنتخـب القطري ماركيز لوبيز مع التفاصيل الصغيرة، مـن حيـث المستجدات التى طرحها على مستوى الخيارات التكتيكية قبل انتقاء العناصر القادرة على التعامل مع جذوة منافس يبحث عَنْ إثبات حضوره لإطالة أمد بقائه طرفًا فى معادلة المنافسة رغم إدراكه بأن حضوره فى مشهد التأهل مستقبلًا يبدو ضربًا مـن الخيال.
مغامرة المنتخـب الكوري.. والبداية الناجعة
كانـت هبّة الانطلاقة التى منحت المنتخـب الكوري الشمالي أفضلية واضحة جعلته يهدد مرمى المنتخـب القطري بسلاح معروف مسبقًا يتمثل فى التسديد البعيد، تدفع الي أول التساؤلات حول التخلي عَنْ الضغط العالي الذى كان الأجدى ان يكون خيار بطل آسيا منذ البداية، لزرع الشك فى قلب المنافس الذى وجد نفسه مسيطرًا ومُهدِّدًا، وبل مسجلًا لهدف السبق.
حقيقة ان المنتخـب الكوري الشمالي لبس ثوبًا فضفاضًا، تؤكده سذاجة تعامل مدافعيه مع أول فرصة عنابية مـن جملة تكتيكية بعد لعبة ثلاثية، فسقط قلب الدفـاع الكوري دون داعٍ، ثم انفرد المعز علي ليمرر الي أكرم عفيف الذى تقـدم لعرقلة ساذجة أيضًا، الامر الذى أنجب ركلة جـزاء ثم كارت حمراء وطرد مباشر، فانقلبت الامور رأسًا على بعد.
تلك المعطيات تعيدنا الي التساؤل الاول عَنْ أسباب عدم تنفيذ بداية ضاغطة على دفاعات مهزوزة، بدلًا مـن ترك أصحاب الأرض الافتراضية يكسبون ثقة كبيرة، تُحرِج المنتخـب القطري وتجعله يلهث وراء نقاط ثلاثة كانـت مضمونة لو كانـت ادارة المباراه بطريقة مختلفة.
جرأة مدير فني المنتخـب القطري المتأخرة
صحيح ان المدرب الإسباني ماركيز لوبيز امتلك “جرأة” إجراء التبديلات منذ النقص العددي فى صفـوف المنافس فى النصف الثانى مـن الشوط الاول، وهو ما يُحسب له فى التعامل مع تفصيله جديدة تتطلب تدخلًا عاجلًا، لكن ماذا لو بدأ المباراه بذات الجرأة؟ مـن اثناء تفعيل جانب هجومي أيسر غائب تمامًا منذ الانطلاقة، ثم توفير أجنحة فاعلة بدلًا مـن الاعتماد على أظهره وهمية تنفذ العمل الهجومي بأدوار مقننة غير مفهومة.
ومن بين كومة التساؤلات… ثمة استفسار حول جدوى وجود افضل لاعـب فى كاس أسيا 2023 وهدافها (أكرم عفيف) فى عمق مناطق الهجوم، وهو الذى امتهن اللعب على الأجنحة حتـى أضحى إيقافه هناك أمرًا بالغ الصعوبة على منتخبـات متمرسة أمثال اليابان وكوريا الجنوبية فى آسيا 2019، ثم إيران وأوزباكستان والأردن فى 2023.
ظروف قاهرة.. ومشاركة البدلاء
لا يمكن بأي حال مـن الأحوال تجاهل الظروف القاهره التى واجهت العنابي عندما توقفت المباراه بسـبب المطر، لكن، ماذا لو كانـت مشاركة احمد الراوي وعبد الرحمن مصطفى منذ البداية؟ ثم يأتي الجديـد إدميلسون جونيور بديلًا؟! وقبل ذلك، ممارسة ضغط عالٍ على المنافس، لربما كانـت النتيجة محسومةً قبل تلك العودة للمنتخب الكوري قبل توقف المباراه (بسـبب الأمطار الغزيرة)، لكن يبدو مـن الواضح ان الخسارة امام الإمارات فرضت “حسابات الحقل والبيدر” دون المجازفة منذ البداية فى المباراه الثانية خشية خسارة جديدة قد تدفع الي حتمية بعض التدخلات الإدارية.
مثل هذه المباريات امام منتخبـات تسعى لإثبات الذات على غرار المنتخـب الكوري الشمالي، تُكسَب ولا تُلعَب خصوصًا أنها تجري فى ظروف صعبة يختارها المنافسون لعجزهم عَنْ اللعب امام منافس أقوى فى ظروف طبيعية.
الأهم ان الرهان ما زال قائمًا، وأن المنتخـب القطري ما زال ذلاك الرقم الصعب الذى ستكون مواجهته بطريقة “الند للند” نوعًا مـن المغامرة المحفوفة المخاطر للمنافسين، ما يؤكد بأن السباق ما زال فى بداياته، والتقلبات سيعيشها كل المنافسين المباشرين اثناء مشوار التصفيات، لكن ما جرى لا بد ان يكون درسًا تجب الاستفادة منه.