مثّل انتقال سعود عبد الحميد ظهير فريق الهلال الي روما الإيطالي، أحد ابرز مفاجآت مدة الصفقات الصيفية الحالية، ليس مـن باب الشك فى المخزون الفنى الكبير للاعب، الذى يعدّ أحد ابرز ابناء جيله فى الكرة السعوديه، وإنّما للتحديات والتهديدات الجسيمة التى تنتظره فى مغامرة احترافية، هى الأولى على الإطلاق للاعب سعودى فى ربوع الـ”الكالتشيو”.
ولفت الظهير الأيمن للهلال الأنظار فى العام الماضي، بعد ان أسهم بفاعلية فى اكتساح فريقه الأخضر واليابس محليًّا، بتتويجه بثلاثية دورى روشن وكأس خادم الحرمين الشريفين وكأس السوبر، ليكون الجـزاءُ على كل ما تقدّم، عرضًا إيطاليًّا فخمًا مـن “ذئاب العاصمة”.
وسافر سعود عبد الحميد صاحب الـ25 عَامًٌا الامس الإثنين الي روما، على متن رحلة انطلقت مـن مطار الملك خالد الدولى، بغرض إجراء الفحوص الطبية قبل ان يعلن الهلال اليـوم انتقاله الي فريق روما، فى صفقة كلفت ادارة الـ”جالوروسي” مَبْلَغًٌا قدّرته اخبار صحفية موثوقة بـ2.5 مليون يورو، علاوة على نصف مليون يورو كحوافز ومتغيرات، مرتبطة بالإنجازات والمردود.
صفقة مـن العيار الثقيل، ستضع الدولى السعودي امام محك حقيقي فى تجربته الاحترافية الأولى، التى سيكون فيها النهائي بين النجاح والفشل خيطًا رفيعًا، حيـث سيواجه العديد مـن التحديات والتهديدات الخطيرة، وفي المقابل ستكون هناك عوامل أخرى تساعده على النجاح.
سعود عبد الحميد “يحارب” إرثًا سعودىًّا محبطًا
باستثناء كونه صاحب التجربة الأولى فى الكرة الإيطالية كلاعب سعودى، فإنّ ظهير الهلال الطائر، الذى مـن المتوقع ان يرتدي القميص رقم 12 مع الـ”رومانيستا”، يصطدم بإرث محبط يختزن داخله عَدَّدًَا مـن التجارب المحبطة لبني جلدته مع الاحتراف فى دوريات القارة العجوز، بدايةًا مـن فهد الغشيان وصولاً الي سالم الدوسري، نجمي الهلال لاحقًا وحاليًّا.
ولاستيعاب الدرس والتخطيط لمصير مختلف، سيكون على سعود عبد الحميد التفكير مليًّا فى تجارب أسلافه للاستفادة مـن دروسهم، التى كان القاسم المشترك بينها غياب الصبر والعجز عَنْ مجاراة متطلبات الاحتراف الخارجي.
فهد الغشيان (ألكمار الهولندي عَامٌ 1998) سامي الجابر وهو أول سعودى يلعـب فى إنجلترا (وولفرهامبتون عَامٌ 2000)، أسامة هوساوي (أندرلخت البلجيكي موسـم 2012-2013)، صالح الشهري وعبد الله عطيف وسعيد المولد (بيرامار ولوليتانو وفارينسي البرتغاليان تواليًا)، بالإضافة الي “بعثه” عَامٌ 2018 الي الليغا الإسبانية، التى كان ابرز مـن مثّلها، فهد المولد (ليفانتي) وسالم الدوسري (فياريال)، يحيى الشهري (ليغانيس)، عبدالله الحمدان (سبورتينغ خيخون) وغيرهم.. هؤلاء جميعهم غيض مـن فيض أسماء سعودية عديدة، دخلت أوروبا قبل ان تغادرها سريعًا مـن دون ترك بصمة جيدة.
ومن أولى الدروس التى يجب على سعود عبد الحميد استيعابها، خسارة الحنين الي “الوضعية الملكية” للاعب السعودي، الذى ينعم بالراتب الضخم والحوافز المالية الخيالية والسيارات الفارهة، حتـى يتمكن مـن فرض نفسه بألوان روما، وهو التحدي الذى يتطلب تضحيات هائلة واحتياطيًا كثيرًا مـن العزيمة والإصرار لإكمال المشوار، ولعلّ فى مشوار النجـم المصرى صلاح، الذى مرّ بامتحان “الأولمبيكو”، الدرس الشافي لعبد الحميد، وغيره ممّن يستهدفون التألق فى “قارة كبار الكرة”.وبجانب إرث أسلافه غير المشجع فى ملاعب أوروبا، سيكون “نجم الأخضر” امام تحدي مواجهه بيئة فريق روما المتطلبة جدًّا، لا سيما على مستوى الضغوط الجماهيرية، مـن دون إغفال “داء العنصرية” الذى قد يمتحن الظهير السعودي على أساس عرقه العربي ولونه الأسمر، فى اى زمان ومكان فى إيطاليا.
بقعة ضوء وجب استثمارها
سرد العراقيل التى قد تعترض سعود عبد الحميد فى تجربته “البِكر” مع الكرة الأوروبية، وفوق بساط مَهيب كـالدوري الإيطالي، لا يعني رمي المنديل أو التسليم لإخفاقات الأسلاف، لأنّ هذه المغامرة لنجم الهلال تحمل بدورها بقعة ضوء عملية، قد تساعده على رسم مسيرة كروية خالدة فى “الأولمبيكو”، وربما الي أبعد منه لاحقًا.
مـن اهم بقع الضوء، مركز اللاعب نفسه كظهير، وهو الذى سيسمح له بالبقاء نسبيًّا بعيدًا عَنْ مرمى الانتقاد المباشر، على عكس عديد المراكز الاخرى فى الْمَلْعَبُ، ومنها المهاجم أو صانع الألعاب أو حارس المرمى أو قلبي الدفـاع مثلًا، بالمقابل سيتمّ تسليط الضوء عليه مع كل إسهام مميز يقوم به دفاعًا أو هجـوم “رأس الحربة”ًا.
مـن المحفزات الاخرى، التى يمكن ان يستفيد بها سعود عبد الحميد، تجربة مواطنه وقائد النصر السابق، حسين عبد الغني (ظهير أيسر) مع الاحتراف، والتي كانـت للمفارقة أيضًا اهم تجربة للاعب سعودى استقر فى دورى أوروبي، وذلك فى مدة انتقاله الي نيوشاتل السويسري عَامٌ 2008 بعقد لمدة 3 مواسم، وقدّم فيها نفسه بشكل إيجابي، علاوة على تجربة أخرى فى الدورى البلغاري.
ومن العوامل والفرص التى تمهد لنجاح سعود عبد الحميد فى تجربته الاحترافية فى أوروبا مع فريق روما، ان اللاعب حظي بالفرصة للتدرب واللعب فى الهلال مع مجموعه مـن النجوم الذين سبق لهم التألق فى أوروبا، كَمَا احتك بمجموعة أخرى مـن ابرز النجوم القادمين مـن القارة العجوز، اثناء بطولات العام الماضي مـن الدورى السعودي.
وعلى الرغم مـن انّ الفوارق شاسعة بين تجربتي عبد الغني وعبد الحميد، على اعتبار الاختلاف الكبير بين قيمة الدورى الإيطالي مـن جهة والسويسري والبلغاري مـن جانب اخر، غير انّها تبقى تجربة مشجّعة وجديرة بالاستفادة.
وللإشارة، فإنّ سعود عبد الحميد كان قد انضمّ للهلال عبر صفقة انتقال حر، اثناء الميركاتو الشتوى عَامٌ 2022، وتحصل على 6 بطولات بقميص “الزعيم الأزرق”، هى الدورى السعودي مرتين، كاس السوبر السعودي مرتين، وكأس الملك مرتين، إضافة الي تحقيق وصافة مونديال الانديه فى عَامٌ 2022.