اخبار الرياضة

كيف نجحت ألمانيا فى تنظيم اليورو الأسوأ؟

واصلت ألمانيا إبهار العالم بتنظيم مميز لبطولة كاس امم أوروبا “يورو 2024” على أراضيها، حيـث لاقى التنظيم الألماني استحسان الجماهير الحاضرة ووسائل الإعلام مـن مختلف ارجاء العالم.. لحظة! كل ما ذُكِر لاحقًا ليس صحيحًا بالمرة، فبعد انتصاف البطولة تقريبًا، شهدنا واحده مـن أسوأ بطولات اليورو تنظيميًا على مر التَّارِيخُ.

أسند الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” شرف تنظيم أقوى الالقاب الأوروبية يـوم 27 سبتمبر/ أيلول 2018 الي ألمانيا بعد تفوقها فى التصويت على الملف التركي، لتتوجه الأنظار صوب بلاد الماكينات، بعد فكرة لم تكن ناجحة بإقامة البطولة فى أكثر مـن مدينة اوروبية اثناء النسخه السابقة فى عَامٌ 2021.

وفقًا لمستلزمات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فإنه مـن اللازم ان يتسع اى مـن الملاعب التى تُنظم بطوله اليورو لـ 30 ألف مقعد، وهو أمر لم يُمثل مشكلة لألمانيا، وتم الاستقرار على 10 ملاعب، 9 منها تم استخدامها لتنظيم بطوله كاس العالم 2006 قبل 16 عَامًٌا، اما الْمَلْعَبُ الآخر فى دوسلدورف، فهو ستاد احتضن عدة مناسبات أيضًا مثل كاس العالم 1974، ويورو 1988.

6 اعوام كانـت الفتره بين فـوز ألمانيا بالتصويت، وتنظيمها فعليًا للبطولة، لكن يبدو ان الألمان لم يُولوا اهتمامًا بأمر التنظيم، بل استمروا لسنوات فى محاربة مونديال قطر 2022، الذى كان الأنجح بكل المقاييس حتـى باعتراف أساطير ولاعبين ألمانيين سابقين.

انشغل الألمان بتوجيه انتقادات وادعاءات كاذبة بينما يخص كاس العالم بقطر، فهل قاموا هم بتنظيم نسخة جيدة مـن اليورو؟ تلك البطولة المقتصرة فقط على الأوروبيين شهدت انتقادات عديدة مـن الأوروبيين أنفسهم للتنظيم الألماني.

الجمهور ينتقد التنظيم الألماني

البداية كانـت قبل ان تبدأ البطولة، فقبل المباراه الافتتاحية بين ألمانيا وإسكتلندا، توقفت حركة القطارات فى ميونخ الألمانية معقل اللقـاء، الامر الذى لاقى استنكارًا مـن الألمان أنفسهم.

المباراه الافتتاحية لبطولة اليورو الحالي شهدت العديد مـن التعليقات السلبية بخصوص آلية دخول الجماهير وخلافه، حيـث انتظرت الحشود لما يزيد عَنْ الساعة مـن اجل دخول المدرجات، خاصة للجمهور الإسكتلندي.

أزمة أخرى واجهت ألمانيا فى تنظيمها للبطولة، وهي الازدحام الشديد، بالمقارنة بقطر فألمانيا هى أكبر فى المساحة، وبالتالي فإنه مـن المفترض ان يكون الازدحام فى العاصمة القطرية الدوحة أكبر مـن مدن ألمانيا، لكن حدث العكس تمامًا، حيـث اشتكى العديد مـن الجماهير فى ألمانيا مـن الزحام سواء فى الطرق العامة أو فى المترو أو الترام.

قطر تتفوق على ألمانيا بمراحل!

سنقارن مرة أخرى بين كاس العالم 2022 ويورو 2024، الأولى تشهد مشاركة 32 منتخـبًا مـن ارجاء العالم ومن مختلف القارات، اما اليورو فتقتصر فقط على مشاركة 24 منتخـبًا أوروبيًا فقط، ومع ذلك كان التنظيم الأمني فى قطر افضل بمراحل مـن نَظِيرِه فى ألمانيا.

قوات الشرطة الألمانية لم تستطع الحد مـن أعمال الشغب مـن الجمهور الكرواتي، الصربي، الألماني وخلافهم. أعمال شغب نشبت بين جمهور عَدَّدَ مـن المنتخبات قبيل المباريات، بل وداخل الملاعب، أمر أدى لاستخدام قوات الأمن العنف أحيانًا، فى تعاملهم مع “الجمهور الأوروبي المتحضر”؛ نعم الشرطة الألمانية استخدمت العنف بإطلاقها النار على مشجع هولندي كان يحمل فأسًا فى منطقه المشجعين!

سوء التنظيم الألماني لبطولة اليورو لم يقتصر فقط على ما يتعلق بالجمهور والمرفقات بشكل عَامٌ، فمثلًا دومينيكو تيديسكو المدير الفنى لمنتخب بلجيكا -وهو إيطالي الجنسية- شنّ انتقادات لاذعة للتنظيم الألماني، حيـث أوضح فى مؤتمر صحفي بعد المباراه امام أوكرانيا بدور المجموعات، أنهم استغرقوا ساعة للوصول الي ستاد المباراه مـن فندق الإقامة، وأن الطريق كان خاليًا ومع ذلك فإن الحافلة كانـت تسير ببطء، إضافة لوقوف الحافلة فى عدة إشارات، وأوضح أنه أُتيحت له دقيقتان فقط لإجراء كلماته التحضيرية قبل المباراه، وأنهم اضطروا الي تقليص وقت عمليات الإحماء.

العنصرية فى يورو 2024

ردّت شرطة مدينة شتوتغارت بأنهم أخبروا البلجيكيين ان المسافة مـن الفندق للملعب تصل لـ 60 دقيقة، وهو شيء أيضًا يطرح سؤالًا، ألا يوجد فنادق أقرب للملاعب مثلًا؟ 

اما الملاعب، فحدث ولا حرج، فلا يمكننا بأي حال مـن الأحوال مقارنة ملاعب قطر التى شهد العالم أجمع بجودتها، بملاعب ألمانيا! ذلك البلد الذى يصل شعار “الكفاءة” دائمًا، ظهرت ملاعبه بشكل سيئ للغاية، وكأنهم توقفوا بالزمن عَنْ تطوير وتجهيز الملاعب منذ احتضان تلك الاستادات للمونديال قبل 16 عَامًٌا، والتي لاقت انتقادات بالمناسبة مـن المنتخـب الهولندي والفرنسي على سبيل المثال آنذاك.

اليورو الأسوأ على الإطلاق

فى الجولة الثانية مـن مجموعـات اليورو الألماني، واجه منتخـب إنجلترا نَظِيرِه الدنمارك فى ستاد فرانكفورت، بينما أرضية الْمَلْعَبُ سيئة وهو ما بدا جليًا عبر شاشات التليفزيون، وأكده لاعبو المنتخـب الانجليزي بالأخص وعلى رأسهم هاري كين فى تصريحـات بعد المباراه، حيـث أوضح لاعـب بايرن ميونخ أنه سجل الهدف فى تلك المباراه بصعوبة بسـبب سوء أرضية الْمَلْعَبُ، التى أجبرت زميله كايل ووكر على تغيير الحذاء، بل حتـى الألمان انتقدوا أنفسهم بينما يتعلق بذلك الْمَلْعَبُ بتصريحات مـن كريس فيهريش، وأونداف لاعـبَي المنتخـب، ومدربهما يوليان ناغلسمان.

الامر لم يقتصر على أرضية الملاعب، بل نظام تصريف المياه فى تلك الملاعب، وخاصة ستاد “سيغنال إدونا بارك” معقل فريق بوروسيا دورتموند، فشاء القدر ان يهطل المزيد مـن الأمطار اثناء شهر يونيو.

انتقد العديد مـن رواد مواقع التواصل الاجتماعي نظام تصريف المياه فى ذلك الْمَلْعَبُ بالأخص، وهو الامر الذى ظهر جليًا فى المباراه التى انتهت بانتصار ألمانيا على الدنمارك فى دور الـ16 مـن اليورو الحالي، حيـث سقطت كميات هائلة مـن المطر مُركزة على مجموعـات مـن المشجعين، بسـبب نظام تصريف المياه.

عديد مـن السلبيات فى تنظيم ألمانيا، جرت أيضًا على مستوى اللعب فى المنتخبات، وهو أمر اتفق عليه أغلب المتابعون، ان يورو 2024 هى واحده مـن أضعف النسخ فى تاريخ البطولة مـن حيـث مستوى المنتخبات.

يُراهن الألمان دائمًا على “العقلية الألمانية”، و”الكفاءة”، لكن يبدو أنها صارت شعارات فقط منذ صاروا يتعمدون التقليل مـن إنجازات قطر فى تنظيم المونديال، بل إنجازات العرب أجمعين.. اثناء الألمانيون عند نقطه الانتقاد فقط لكل ما هو عربي، حتـى ظهرت بطوله اليورو بتنظيم هو الأسوأ على الإطلاق.

السابق
أرقام يورو 2024.. وداع إيطاليا المُر ونوير يدخل التَّارِيخُ
التالي
بث مباشر مباراة الأرجنتين امام بيرو اليـوم فى كوبا أمريكا 2024