باتت أرقام مبابي بعد التوقيع مع ريال مدريد الإسباني رَسْمِيًٌّا، الشغل الشاغل لجماهير النادي الملكي، الذى تأمل ان يضع الأيقونة الفرنسية، بصمته المؤثرة والمعتادة، على تاريخ النادي العريق، ولكن هل يحدّ واقع الأرقام والأرشيف مـن سقف آمال “المدريديستا”؟
بعد التتويج بالالقاب الخامس عشر فى دورى أبطال أوروبا، بالفوز على بوروسيا دورتموند بنتيجة (2-0) فى النهائى الذى احتضنه ستاد ويمبلي المعروف بلندن السبت الماضي، كُوفئت جماهير “البلانكوس” بجائزة كبيرة، بعد ان صرح ناديهم ضـمّ النجـم الفرنسي كيليان مبابي فى صفقة انتقال حر قادمًا مـن باريس سان جيرمان، وعقب حلقات طويلة بلغت حدّ الملل.
اعلنُ صفقة “قائد الديوك” بصفة نهائية، طوى صفحة مسلسل المفاوضات المضنية مع اللاعب، ولكنه فتح صفحة جديدة تثير شغف الجماهير بشكل أكبر، وهي التى ترتبط بانتظاراتهم لما سيقدّمه النجـم الجديـد مع “الملوك”، وهو ما يصنع قالبًا مناسبًا للتساؤل القادم: كيف كانـت أرقام مبابي امام الريال قبل الانتقال إليه؟
أرقام مبابي امام “الملكي” تكشف مفارقة صادمة
الفكرة الظاهرة عَنْ أرقام مبابي فى عهدته الباريسية، أنها أرقام باهرة وتنمّ عَنْ موهبة متفردة وبصمة مؤثرة لا نقاش حولها، وهي بالفعل ايضا، ولكنّ الأرقام تغيّر مـن هذه الحقيقة بعض الشيء، لا سيما عندما يقف اللاعب البالغ مـن العمر 25 عَامًٌا فى مواجهه مباشرة امام فريقه المستقبلي، ريال مدريد.
يسرد الأرشيف انّ عهدة مبابي مع باريس سان جيرمان، وضعته فى صدام مع “الميرينغي” فى 6 لقاءات رسمية وجاءت جميعها لحساب دورى الأبطال، حضر فى 5 منها بصفة أساسية، بينما غاب عَنْ واحده فقط بداعي الإصابة، جامعًا فى رصيده 3 اهداف فى حوالى 450 دقيقة، ودون ان يبصم على اى تمريرة حاسمة “أسيست”.
أرقام مبابي امام الريال، التى أسفرت عَنْ ثلاث هزائم للدولي الفرنسي مقابل فوزين وتعادل، لم تحمل بين طياتها تأثيرًا واضحًا رغم أهدافه الثلاثة، بل على العكس، لأنها كشفت مفارقة صادمة، وهي انّ المباراه الوحيدة التى فاز فيها الـ”بي.أس.جي” بأريحية وإقناع وبنتيجة (3-0) لحساب دور المجموعات عَامٌ 2019، كانـت بغياب مبابي، الذى تخلّف عَنْ الحضور بسـبب اصابه فى أوتار الركبة.
بصمة وحيدة وغير مكتملة
وعلى وجه العموم، فإنّ الامر الملاحظ بخصوص أرقام كيليان مبابي بألوان الباريسي وضد الريال تحديدًا، لم تقترن بأي إنجازات عملية، مـن قبيل إزاحة عملاق الليغا مـن أحد أدوار خروج المغلوب على سبيل المثال، وهو أمر لم يحدث حتـى الان، برغم انّ مبابي وسان جيرمان كانا قريبين جدًا مـن التتويج بلقب “التشامبيونزليغ” فى موسـم 2019-2020، لولا السقوط بهدف يتيم امام بايرن ميونخ فى نهائى ستاد “دالوش” بلشبونة.ولئن كانـت أرقام مبابي وأهدافه امام الريال تندرج فى ضوء لقاءات حاسمة فى أدوار خروج المغلوب، وهي تحديدًا دور الـ16، الذى غادره على يد “الملكي” فى عامي 2018 و2022، فإنّ الذكرى الإيجابية الوحيدة لمبابي امام ناديه الجديـد، كانـت فى ذهاب دور الـ16 للمسابقة بتاريخ 15 فبراير/ شباط 2022، اثناء خطف هـدف الفـوز القاتل فى الوقت البديل.فرحة مبابي لم تكتمل فى العودة، الذى وإن بكّر فيه بالتهديف، غير انّ ذلك لم يمنع تجرّعه لمرارة خسارة قاسية، تسبّب فيها مواطنه كريم بنزيما “رجل الهاتريك” الذى أطاح بآمال باريس ونجمها الاول الي خارج المنافسة، بعد لقاء مثير انتهى على نتيجه (3-1).
مبابي يغادر “حديقة الأمراء” مـن بابها الكبير ولكن..
ما فات مـن حديث عَنْ أرقام كيليان مبابي وشكل ظهوره وتأثيره امام ريال مدريد، لا يعطي شرعية للطعن فى قيمة المهاجم الفذّ، الذى حَصَد الأخضر واليابس مع سان جيرمان محلّيًا طيلة 6 مواسم حفلت بالكثير مـن الإنجازات والتتويجات، والتي جاء الي حصادها 15 لقبًا (6 فى الدورى و4 فى الكأس و2 فى كاس الرابطه و3 فى كاس الأبطال أو السوبر).
ومنذ ربيعه الـ24 أصبح مبابي الهداف التاريخي لباريس سان جيرمان، ومُنذ قدومه مـن موناكو وحتى مباراته الاخيره، خَاض بقميص باريس سان جيرمان 308 مباريات فى مختلف المسابقات، سجل خلالها 256 هـدفًا.
وعلى الرغم مـن انّ أرقام مبابي الباهرة مع الباريسيين هى مـن فتحت أمامه قرار المغادرة مـن الباب الكبير، إلّا انّ اللاعب يرحل بـ”غصّة” فى حلقه تتمثّل فى عجزه عَنْ التتويج بلقب دورى الأبطال حتـى الان.. طموح فردي أساسي، يأمل بلوغه فى ريال مدريد، “موطن دورى الأبطال”.
